الصفحة الأساسية > عربية > أنباء و أصداء > القانون يحجّر على أعوان المراقبة لمس الحريف أو الرد على استفزازاته وما يحدث احيانا من (...)
مدير إقليم بن عروس بشركة نقل تونس:
القانون يحجّر على أعوان المراقبة لمس الحريف أو الرد على استفزازاته وما يحدث احيانا من مشادات هي تصرفات فردية يتعرض أصحابها إلى عقوبات إدارية صارمة
الأحد 14 حزيران (يونيو) 2009
حوار أجراه : توفيق العياشي
غالبا ما تثير حملات المراقبة المباغتة على متن عربات المترو والحافلات بعض التوتر والمشادات بين المسافرين وأعوان المراقبة التابعين لشركة نقل تونس، وقد بات من الملفت خلال الفترة الأخيرة تكثف حملات المراقبة المسائية الثابتة خاصة في المحطات الكبرى على غرار محطة الجمهورية ومحطة برشلونة، أين تخضع عربات المترو الى حملة مراقبة وتدقيق في سندات نقل المسافرين. وغالبا ما تشهد مراحل المراقبة وضبط المخالفين عديد المناوشات التي قد تتطور إلى صدامات ناجمة عن تعنت بعض المسافرين "المرسكين" من ناحية وطريقة تعاطي بعض أعوان المراقبة مع الحالة و طبيعة ردّهم على الاستفزازات من ناحية ثانية، مما استوجب في اغلب الاحيان تدخل رجال الأمن لحسم النزاع. وقد خلفت هذه الحملات تشكيات عديدة لدى المسافرين جراء تعطل رحلتهم وإهدار وقتهم بسبب ما تستغرقه حملة المراقبة وما قد ينجر عنها من مشادات من وقت مهدور .
أسئلة ملحة نقلناها إلى مدير إقليم بن عروس لشركة نقل تونس السيد عبد الحميد المهذبي تمحورت حول ملامح منظومة المراقبة التي تؤمنها الشركة ومدى حرصها على راحة المسافرين ومصالحهم. إضافة إلى طبيعة التكوين الذي يتلقاه أعوان المراقبة وطريقة اختيارهم للاضطلاع بهذه المهمة. وما هو رد الشركة على تشكيات بعض المسافرين من التأخير الناجم عن بعض عمليات المراقبة؟
س * ما هي اهم انواع عمليات حملات المراقبة وكيف تتم وأين تتركز أساسا؟
ج * هناك ثلاث انواع لحملات المراقبة:
المراقبة التنظيمية الميدانية وتتمثل أساسا في تجند الأعوان لمراقبة عملية الاستخلاص المسبق وإرشاد المسافرين في المحطات الكبرى ومحطات الترابط وبعض النقاط التي تشهد إقبالا مكثفا من المسافرين، ويندرج هذا النوع من المراقبة ضمن البرنامج العادي لمراقبة الاستخلاص.
أما النوع الثاني من المراقبة فيتمثل في حضور الأعوان على متن العربات والحافلات ويقوم هذا النوع من المراقبة على عنصر المباغتة والمفاجأة لضبط المخالفين، إذ انه ورغم وجود حواجز في مداخل المحطات لمراقبة عملية الاستخلاص فانّ المراقبة المفاجأة تكشف عن عد هام من "المرسكين" داخل وسائل النقل. ويخضع هذا النوع من المراقبة الى برنامج شهري مسبق الوضع يتم على أساسه توزيع الأعوان حسب الخطوط والمحطات والحيز الزمني. ومن المهم التأكيد أن عون المراقبة لا يعلم مكان عمله إلا صبيحة تسلمه مخطط العمل اليومي ، وذلك حفاظا على سرية حملة المراقبة وتدعيما لنجاعتها.
امّا النوع الثالث من المراقبة فتتمثل في الحملات المشتركة بين أعوان المراقبة التابعة لشركة نقل تونس وأعوان الأمن وهو برنامج جاري به العمل منذ فترة ويتم الاختيار في كل مرة على منطقة معينة تُركّز عليها حملة المراقبة.
والى جانب منظومة المراقبة فهناك ايضا منظومة تقوم على عمل الفرق المتجولة لمراقبة الأعوان والأسطول ورصد المخالفات المتعلقة بالسلامة المرورية (كعدم احترام علامات الوقوف والإفراط في السرعة.. إضافة إلى مراقبة الجانب المتعلق بسلامة الحرفاء مثل عدم توفر الظروف الآمنة لصعود وامتطاء الحرفاء للحافلة أو عربة المترو، او عدم احترام التوقف بالمحطات آو تجاهل مسلك الخط...
واعتمادا على التقارير التي ترفعها فرق المراقبة لإدارة الشركة يقع إخضاع السوّاق والمساعدين، الذين يكررون المخالفات المتعلقة بمجال السلامة، يقع اخضاعهم إلى برنامج تكوين ورسكلة في الغرض.
عمليات المراقبة لا تغطي سوى خمسة بالمائة من السفرات اليومية للاسطول
النسبة الاهم من "المرسكين" لا تعوزهم الامكانات المادية لاقتطاع تذكرة
ثلاثة أخصائيين نفسانيين لتكوين المراقبين وليس هناك مراقب في رصيده اقل من 12 سنة خبرة
س *الا تعتقدون ان المبالغة في اجراءات مراقبة الاستخلاص وما تستغرقه من وقت وما تخلفه في احيان عديدة من حالات تصادم بين بعض المسافرين واعوان المراقبة، الا تعتقدون ان كل ذلك من شأنه ان يزعج مستعملي وسائل النقل ويضاعف تشكياتهم من الوقت المبدد في مثل هذه الإجراءات.
ج * أود التأكيد أولا أن حملات المراقبة على الاستخلاص تهدف أساسا إلى ضمان راحة المسافرين وتعميق شعورهم بالأمن والسلامة داخل وسائل النقل، فأي مواطن يحمل تذكرة سفر من حقه أن يتمتع برحلة مريحة ولذلك نحن نكثف عمليات المراقبة لمنع المسافرين غير الحاملين لسندات النقل "المرسكين" التمتع بالسفرات على حساب مقتطعي التذاكر.
كما أن وجود المراقب داخل وسيلة النقل من شأنه ان يعطي إحساسا بالاطمئنان والحماية لدى المسافرين .
س * لكن ماذا عن الوقت المبدد الذي تستغرق عملية مراقبة الاستخلاص داخل العربات، ألا تعتبرون انه وقت مبدد على حساب مسافر اقتطع تذكرته ويريد أن يتمتع بسفرة عادية.
ج * اود الملاحظة أن ضمان شروط رحلة مريحة يتطلب إجراءات رقابة صارمة، كما أأكد ان مدة المراقبة ليست على حسابات البرمجة المضبوطة لمواعيد انطلاق ووصول الرحلات، وقد لا أخفى سرا أننا في حالات كثيرة نتعمد إجراء عملية المراقبة في عربات المترو وهو في حالة توقف لمزيد تنظيم السفرات وحتى نتجنب اكتظاظ العربات على الخط الواحد وبالتالي لا يعتبر المدة التي تستغرقها عملية المراقبة تأخيرا.
س * وماذا عن المشادات التي تحدث بين أعوان المراقبة والمسافرين وما سجل حول ارتفاعها النسبي خلال الفترة الأخيرة خاصة في محطة الجمهورية، و ما هي الصلوحيات المخولة لعون المراقبة في صورة حصول تعنت من طرف احد المسافرين؟.
ج * أؤكد آن قوانين الشركة تمنع منعا باتا أي احتكاك بين عون المراقبة والمسافر مهما كانت الاستفزازات الموجهة إلى المراقبين، فالقانون يحجر على المراقب مجرد لمس المسافر المرتكب لمخالفة في صورة تعنته، حيث يقتصر دوره على المطالبة بالاستظهار بسند نقل او اقتطاع تذكرة أو ختمها وفي صورة امتناع المسافر عن ذلك ورفض تسليم بيانات هويته الى المراقب حينها يتم استدعاء أعوان أمن المحطة وعدم الرد على اي استفزاز لفظي موجه له.
س * لكن يحدث أن يخالف بعض المراقبين القانون ويتورطون في مشادات مع المسافرين.
ج * مع الآسف هناك بعض الحالات المعزولة والشاذة التي يتعرض أصحابها، في صورة ثبوت تورطهم في مشادة مع المسافر، الى عقوبات إدارية صارمة وسبق ان حصل ذلك لبعض الأعوان في الشركة.
س * هل هناك تكوين خاص يتلقاه الاعوان المراقبين يؤهلهم للتواصل مع المواطن ووفق أي أسس يتم اختيارهم لهذه الخطة؟
ج * بالفعل هناك نوعين من أعوان الشركة يترشّحون لوظيفة مراقب الاستغلال او مراقب السلامة ، إما بالتدرج الآلي في السلم الوظيفي، حيث يقع اختيار الأعوان المتميزين في ادائهم المهني والأخلاقي من السوّاق والقابضين، المتمتعين بأعداد مهنية جيدة وليس في رصيدهم عقوبات من درجة ثانية وخلوّ السجل من الهفوات المهنية الكبرى .
شبكة نقل ضخمة لكن هل تفي بالحاجة؟
تؤمّن شركة النقل بتونس يوميا نقل أكثر من مليون و600 ألف مسافر على خطوط شبكة الحافلات والشبكة الحديدية من خلال أكثر من11 ألف سفرة يوميّة داخل إقليم تونس الكبرى، وتعمتمد الشركة لتحقيق هذا الغرض على أسطول جملي يضم 1159 حافلة و164 عربة مترو و36 رتل.
وتمتد شبكة خطوط شركة نقل تونس على6900 كلم بالنسبة لخطوط الحافلات وحوالي 35 كلم سكة مزدوجة بالنسبة للمترو و18 كلم سكة مزدوجة للخط الحديدي تونس حلق الوادي المرسى.
وإما ان يقع استدعاء أعوان من الشركة إلى مناظرة داخلية تتمحور أساسا حول الجانب العلائقي مع المواطن وقد سخرت الشركة ثلاث اخصائين نفسيين للاضطلاع بمهمة الإعداد النفسي لأعوان المراقبة، فأهم ميزة يجب ان يتحلى بها المراقب هي اريحيّته وصموده أمام الاستفزازات، هذا فضلا على ان كل عون يجب ان يتمتع ب12 سنوات عمل فما فوق للترشح إلى خطة مراقب .
وقد تُتوّج المناظرة بنجاح عدد من المراقبين وفشل البعض الآخر الذي لا تأهله تركيبته النفسية لمثل هذه المهمة، وحتى بعد مباشرة المراقبين مهامهم قد يحدث أن يخضع بعضهم إلى تكوين إضافي إذا ثبت أنهم لم يندمجوا في خطتهم الجديدة بعد .
س *هل تكفي الامكانيات البشرية والمادية المرصودة المخصصة لمنظومة المراقبة في تغطية شبكة النقل الممتدة في كامل مناطق تونس الكبرى، وما هو انعكاس ظاهرة "الترسكية" على الموازنة المالية لشركة.
ج * فيما يتعلق بمعدل المراقبة فهو غير كاف بالمرة اذ لا تتعدى نسبة السفرات التي يمكن مراقبتها يوميا 5 بالمائة من النسبة الجملية للسفرات في اليوم والبالغ عددها 11الف سفرة للحافلات وعربات المترو وهذا يعود إلى عدم توفر طاقم بشري كاف يستطيع تأمين مراقبة كامل الشبكة، لكننا نركز في عملنا على النجاعة في توزيع الحملات ودقة اختيار المحطات والخطوط التي ستتم فيها عمليات المراقبة وذلك استنادا إلى كثافة عدد السفرات، بشكل يوهم المسافرين بأن حملات المراقبة في كل المناطق وتطال كل الخطوط.
أما فيما يتعلق بنسبة "الترسكية" وتأثيرها على ميزانية الشركة فيمكن القول بأن هناك تأثيرات واضحة ولكن ليس إلى حد اختلال الميزانية، فالنسبة الحقيقية للمسافرين "المرسكين" لا يمكن حصرها لان معدلات عمليات ضبط المخالفات ليست منتظمة، فالنسبة تتغير حسب المنطقة وحيوية الخط وطبيعة النقل(طلبة، عمال..)
س * الملاحظ ان هناك اجراءات استثنائية لنقل جمهور الكرة وقد التحق بهم مع دخول فصل الصيف "جمهور البحر"، فلماذا هذه الاستثناءات وماهي مبررات التشدد في التعامل مع هذه الفئات؟
ج * أوّلا يجب الانطلاق من المعادلة التالية التي تراهن عليها الشركة والمتمثلة في تأمين راحة وامن المسافرين من جهة وضمان سلامة أسطول الشركة حتى تستمر في العمل من ناحية أخرى، فلماذا يُطلب من الشركة أن تضع اسطولها تحت تصرف جماهير الكرة المستهترة فتتكبد خسائر مادية جسيمة قد تعجز إثرها على استئناف نشاطها في عديد الخطوط. اما فيما يتعلق بروّاد البحر فالمسألة تتعلق بهيئة الراكب ومدى احترام مظهره (لباس ونظافة) لبقية المسافرين فمن غير المنطقي السماح لمن يرتدي لباسا خفيفا خاصا بالسباحة استعمال وسائل النقل العمومي، فهذه مسألة حضارية.
وأخيرا أريد التأكيد أن العملية ككل تتجاوز حلول المراقبة والزجر وتتوقف فقط على وعي المواطن الذي يجب ان يبادر بخلاص معلوم تنقّله عن قناعة كإسهام منه في تطور أسطول النقل بالبلاد، فالترسكية هي سلوك أناني وتصرف يتعارض مع الأخلاق وروح المواطنة. فالجميع يعلم ان أسعار التذاكر رمزية ولا ترتقي الى الكلفة الحقيقية للسفرة في وسائل النقل الخاصة وان النسبة الاهم من "المرسكين" لا تعوزهم الامكانات المادية لاقتطاع تذكرة، فلمصلحة من تتفاقم هذه الظاهرة؟
توفيق العياشي