الصفحة الأساسية > عربية > أخبار وطنية > حقوق الإنسان مهددة من الانتهاكات وليست من التوظيف

على الطريق

حقوق الإنسان مهددة من الانتهاكات وليست من التوظيف

الثلاثاء 2 كانون الأول (ديسمبر) 2008

في وقت ينتظر فيه الكثير من المراقبين حدوث انفراج سياسي بمناسبة اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في خريف السنة القادمة، وتزامنا مع احتفال بلادنا بمرور ستين سنة على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نقلت إلينا عدد من الصحف اليومية تصريحات حادة اللهجة صادرة عن أحد كبار المسؤولين في الحكومة، تتجاوز ما تعودنا على سماعه سابقا من حديث عن منجزات غير مسبوقة في مجال احترام تونس لتعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتنويه عالمي بنجاحاتها في هذا السياق إلى طور جديد، على ما يبدو، يتميز بالتهجم الصريح والمباشر على النشطاء الحقوقيين وعلى الفاعلين في الميدان السياسي.

"توظيف حقوق الإنسان من قبل بعض المتطرفين"، "الذين أطلقوا على أنفسهم صفة المدافع عن هذه الحقوق"، "نصبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان"، الخ. تلك هي أهم الصفات التي وجهها ذلك المسؤول إلى المعارضين التونسيين، مكيلا لهم التهم التي لم تعد تقنع أحدا من قبيل العمل على تشويه صورة تونس وخدمة أطراف أجنبية. وهي تهم- وإن صحّت في بعض الحالات القليلة- لا يمكن أن تبرر تلك السمة التشنجية التي صبغت مداخلة ذلك المسؤول في محاضرة ألقاها بمقر المدرسة الوطنية للإدارة والتي من المعلوم أنها تقوم بتخريج كبار إطارات الدولة وكوادرها العليا التي ستمسك بدواليب اتخاذ القرار في صلبها مستقبلا!

فإذا سلمنا بسلامة ما ورد ذكره في كلام المسؤول بخصوص "توظيف حقوق الإنسان" لفائدة مصالح غير مشروعة، فإن ذلك لا يجد له مكانا إلا في وضع يكون فيه الانغلاق هو السمة الأساسية للحياة السياسية. فلنتخيل مثلا أن حرية تكوين الجمعيات والمنظمات مضمونة فعلا لا قولا، وهيئات إدارية تُنصت إليها وتتحاور معها، ووسائل إعلام حرة ومستقلة تُسلط الضوء على الانتهاكات الحاصلة، وجهاز أمني يُحاسب ويُعاقب مرتكبي تلك الانتهاكات، ففي بيئة مثل هذه هل يمكن أن يوجد ما سماه بـ"المجموعات المتطرفة أو المجموعات الانتهازية"؟ طبعا الإجابة بالنفي قطعا، وكان من الأجدى أن يقع حل أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في أسرع الأوقات وهي التي بمقدروها أن تكون صمام أمان في وجه بروز مثل تلك المجموعات عوض التهجم على المدافعين عن حقوق الإنسان التونسيين.